لستُ نباتية اليوم

لست فخورة بخياراتي الغذائية هذا الصباح، ولكنني آسَفُ على مستقبل الأرض وساكنيها لقولي: أريد أن أعيش في بدن أفضل. 

في نهاية يوم جامعي غابر، وقفت أمام المحاسب لأخبره بطلبي المحبب إليّ: سندويشة لحم، ثم وقعت عيني على لون شرائح اللحم المتغير، ودون تفكير، ألغيت الطلب. وقد اتخذت حينئذ -دون أن أشعر- إحدى أهم قرارات حياتي: لن يقتات حلقي على أي لحم بعد اليوم.

أتى قراري اللّحظي هذا بناءً على كل ما كنت أقرأه وأشاهده لشهور طويلة قبلها: معاملة الحيوانات في المصانع، وما تحقن به وكيف تُذبح. ظل اهتمامي بالموضوع يتزايد حتى تقدمت للمرحلة التالية: فيقن أو نباتية صرفة. قوبلت قراراتي الغذائية بانتقادات ممن حولي، فأنا لا أعلم بالضبط كيف ستحرمني «حمية الفقراء» هذه من عناصر غذائية مهمة. 

إلا إني كنت فخورة بنفسي: أنا الإنسان ذو الأثر الكربوني القليل مقارنة بالبقية، المتبع لأفضل حمية للبيئة، الحامل لقنينة المياه أينما ارتحل، الباحث عن سيارة كهربائية في بلد خليجي لا تملك ربع تكلفتها.

لم تكن «التسلا» آنذاك على قائمة أولوياتي حيث شغلني عنه أكلي اليومي، ففي وقت لم تمسِ فيه هذه الحمية رائجة، كانت الخيارات محدودة، وبعيدة، وغالية، وخالية من أي محاولة لسد النقص الفادح للبروتين فيها. 

أعمى كبريائي رؤيتي للحقيقة التي كانت تتشكل على وجهي وفي نواحي عديدة من بدني ولم تستطع كل أنواع المكملات الغذائية ترقيعها، حتى استيقظت ذات صباح ليقابلني في المرآة وجه امرأة مرهقة تكبرني بعشر سنوات.

كان ذلك الوجه، علاوة على الروتين الغذائي الثابت الذي أحبه، ما دعاني إلى اتباع حمية الكيتو قبل عدة سنوات؛ ولأن الدمج بين نظام غذائي يعتمد على النشويات (الفيقن) وحمية تحرمك منها (الكيتو) كان أمرًا شبه مستحيل، فكان الخيار أن أُدخل ما تنتجه الأجسام التي حرمت لحمها علي: البيض ومشتقات الألبان.

بعد توقفي عن البحث المضني عن أصناف الفيقن، أجدها في المطاعم وأرفف السوبرماركت بوفرة وبأسعار مناسبة جدًا، في وقت سمحت لنفسي باستهلاك الكثير من منتجات حيوانية تسبب وجودها في فطوري اليوم بإطلاق قرابة الـ1,25 كيلو قرامًا من الكربون في الهواء، وهو ما قد يعني زيادة قدرها 73% من الكربون الذي تنتجه خياراتي الغذائية. 

لست فخورة بخياراتي الغذائية هذا الصباح، ولكنني آسَفُ على مستقبل الأرض وساكنيها لتكرار ما يقوله كثيرون ممن تركوا هذه الحمية غيري: أريد أن أعيش في بدن أفضل. 

الروابط:

الإنسانالصحةالنباتيةالمستقبل
بودكاست بُكرة
بودكاست بُكرة
منثمانيةثمانية

بُكرة، لكل الشباب الواعد، نطرح أسئلتنا الكبيرة والصغيرة والمتغيرة والعالقة، مع مختصّين وباحثين وعُلماء، ونفهم معهم كيف نعيش ونستعد ونعمل من أجل مُستقبل أفضل.