كيف أتجاوز عتبة البداية

قرّرت أنْ أبدأ فقط، وألا أفكر بالمُخرجات النهائية الآن. ولعل هذه كانت هي القفزة التي تخطّيت بها حاجز البداية

وجدت أن أفضل تعريفٍ أستطيع به تعريف نفسي، سواء في وسائل التواصل أو في الحياة الواقعية هو: «أصنعُ الصوت والصورة» فقط، وبعد سنوات خمس في هذا المجال (التصوير، التحرير…)، ما زلت أواجه الشعور نفسه الذي يأتي قُبْيَل البدء في أي مشروع جديد.

أذكر في ثاني شهر لي في ثمانية عندما قال لي جميل عبدالأحد «كبير المحررين» في مكالمة هاتفية «ألو، مستعد لتحدٍّ جديد؟»

استغرقت ثلاث أو أربع ثوانٍ لكي أقول «هات ما عندك»، ولكني لا أُخْفِي بأن الثواني الأربع هذه كانت كفيلة بجعلي أغرق في التفكير، ولقد زاد هذا التفكير عندما شرح لي تفاصيل المشروع الذي قرّر إدخالي فيه بصفتي مُخْرجًا/مُحررًا.

انبهرت عندما أراني جميل إحدى الحلقات التي عمِل عليها من مشروع «فيوتشر تك»، ولكن صاحبني مع هذا الانبهار شعور بالقلق، هل سأستطيع فعلًا العمل على هذا المشروع بالشكل المناسب؟ هل سأكون قادرًا على تقديم شيءٍ بديع بهذا المستوى نفسه؟ والكثير والكثير من الأسئلة المشابهة.

ولكن لم يكن هذا المشروع أوّل شيء أتخوّف منه، فكل شيءٍ جديد أَقْدُم على عمله، ينتابني معه بعض القلق عمَّا إذا كنت كفؤًا له أم لا، سواء كانت مادةً جديدة في الجامعة، أو مشروعًا جديدًا، أو حتى كتابة تدوينة للنشرة السريّة، لكّني اكتشفت أنَّ المفتاح السحري لتخطّي هذا الحاجز كان أبسط مما توقّعت.

تقول المؤلّفة تارا موس:

لا تكتب شيئًا صحيحًا، فقط اكتب، ومِنْ ثَمَّ حاول جعل ما كتبته صحيحًا.

أصبحت أفكّر دائمًا بهذا الاقتباس عندما ينتابني ذاك القلق الذي يمنعني من البدء، فعندما استلمت مواد أول حلقة من المشروع المذكور، بقيت أراقب المواد وهي تُنسخ إلى قرصي الصلب، وكان عدّاد الوقت المستغرق للنسخ أشبه بعدٍّ تنازلي لساعة الصفر، التي ستبدأ فيها الحرب!

عندما انتهى الوقت، قرّرت أنْ أبدأ فقط، وألا أفكر بالمُخرجات النهائية الآن. ولعل هذه كانت هي القفزة التي تخطّيت بها حاجز البداية، وانتقلت بها من العالم الخارجي إلى داخل برنامج التحرير، وفي يدي مقص أشق به طريقًا نحو النهاية.

انتهينا من «فيوتشر تك» بعد بضعة شهور من العمل والسَّهر على متابعة الأفلام، ولم أكن أتوقع بأن أخرج بنتائج كالتي خرجت بها، وأن أحصل على الثناء على ما صنعته.

أكاد أجزم بأن أصعب خطوة لتحقيق شيءٍ ما، هي أن تبدأ، فعندما تبدأ فقط ستصبح قادرًا على المضي دون توقّف، وعندما تنتهي ستدرك بأنك قطعت شوطًا لا يستهان به، وحينها ستأتيك لحظة الإدراك بأنك قادرٌ على فعل أي شيء تريده، بمجرد أن تتخطى ذلك الحاجز الذي يسمّى: عتبة البداية.

النشرة السرّية
النشرة السرّية
منثمانيةثمانية

ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.