لماذا نفصل موظفينا
يرتفع أداء الفريق ويصنع المعجزات، إذا عملوا مع أشخاص بمستواهم نفسه أو أعلى. ويقل أداء الفريق ويتخاذل، إذا عملوا مع من هم أقل منهم.
قبل كل اجتماع مع مُرشح مميز لوظيفة في ثمانية، أجهّز نفسي لسماع عبارة قريبة أو بعيدة من: «يقولون ما عندكم أمان وظيفي، والسمعة أنكم تفصلون النّاس»، وأبتسم.
في البداية كنت أشتط غضبًا، لأنّها سمعة تحرم ثمانية كثيرًا من المُرشحين المميزين، وأضطر إلى التبرير أو الشرح بطريقة دفاعيّة. حتّى أدركت مؤخرًا، بعد نضج السنوات والتجارب، أنّها سمعة ممتازة، ويجب أن تبقى.
ثمانية شركة تقوم وتقعد على أكتاف فريق، لا ينقصهم شيء حتّى يصنعوا منتجات تُنافس أكبر الشركات في العالم. لديهم الأدوات نفسها، والفرص نفسها. يعملون في بيئة داعمة، ويملكون رؤية طموحة واضحة. كل ما نحتاج إليه الآن، أن يكون الفريق من طراز عالٍ — جدًّا، يعملون بتناغم.
في المقابل، ما نحتاج إليه لإنتاج منتج ضعيف أو شركة ركيكة، كثير من المجاملة في معايير التوظيف، والتسامح مع أي أحد عادي، أو سيئ، وتأخير قرارات الفصل. لأن الشركات لا تُقاس بأفضل من فيها، بل بأقل من فيها.
يرتفع أداء الفريق ويصنع المعجزات، إذا عملوا مع أشخاص بمستواهم نفسه أو أعلى. ويقل أداء الفريق ويتخاذل، إذا عملوا مع من هم أقل منهم، لأن الوقت يضيع في محاولة إدارتهم، وإقناعهم بالحل الأفضل، وإصلاح أخطائهم، ومن ثم العمل نيابةً عنهم. وبذلك، يحيد تركيز الفريق عن غايته الأهم؛ «صناعة منتجات تُنافس أكبر الشركات في العالم».
لذلك، نسعى لتوظيف أفضل العرب أداءً، فريق من طراز عالٍ، ولا نقبل بأقل من الممتاز. أي أحد عادي، أو سيئ، سيكون خروجه أفضل للطرفين. ثمانية تدين لفريقها بكل هذا النجاح، وجزء من رد الدين، ألّا تترك بينهم من هو أقل من مستواهم.
هذه الفلسفة في بناء الفريق، لطالما ردّدها ستيف جوبز عن فريق ماك. وتسمعها في قوانين الطبيعة، «الأشباه تجذب بعضها». إذا كانت شركتك مُكوّنة من موظفين من الدرجة الأولى – A Player، أنت تجذب أقرانهم. وإذا وظّفت أناسًا عاديين، أو متوسطين، تجذب بذلك أشباههم لشركتك.
قد يسأل سائل، من هو موظف الدرجة الأولى، الذي تتحدّثون عنه. وقد أُجيب من خلال خبرة بسيطة. هو شخص لا تهم سنوات خبرته أو معرفته الحاليّة أو العريقة. المهم، أن يكون دائمًا عطشان للمزيد، للتعلّم، للوصول إلى أفضل نسخة من نفسه، ولأفضل نسخة من العمل. لا يختلق أعذارًا، يجد طريقه لإنجاز المهام، لا يستقيل إذا ارتكب أخطاءً، بل يواجهها.
قد تجد موظفًا حديث تخرّج إلّا أنّه موظف من الدرجة الأولى، وآخر له عشر سنوات في المجال، لكنه موظف عادي أو متوسّط. هي فقط مسألة مبدأ وطريقة تفكير وعمل.
يقابل هذه الفلسفة والانتقائيّة، كثير من العمل الشاق على الشركة. اجتهاد أكثر في رفع معايير التقييم، ومقابلات وظيفية مُتعددة. ولأنّك أحيانًا لا تعرف الموظّف إلا بعد توظيفه، هنا يأتي دور التقييم الدوري للموظفين، والمرئيات الصادقة، ووضوح التوقعات بين الطرفين. صحيح أنها مُتعبة، لكن نتائج هذه الانتقائية، تستحق.
أعمل في ثمانية منذ ستّ سنوات. وفي كل مرّة تخاذلت فيها، يلوح لي شبح الاستغناء عن خدماتي من بعيد، وأبتسم. وأرد على المُرشحين في المقابلات: «مفترض تكون مبسوط، ما يبقى جنبك إلّا ناس يقارعونك القوّة والطموح والرغبة في التعلّم والصملة».
ولو ما اقتنع عاد، أقول له ما قاله جورج كوستانزا: «it’s not you, it’s me».
ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.