هل تحتاج كل تلك التطبيقات على جوَّالك؟

لا يمكننا الاستغناء عن التطبيقات؛ فهي من سمات هذا العصر، لكن أصبحنا ملزمين بترشيد استهلاكها وتحميلها بحسب احتياجاتنا وحذف الزائد منها.

سر حبي لمقهاي المفضل أنه كان يستخدم قائمة الطعام بشكلها التقليدي الورقي، لا تلك التي تعتمد على (QR Code) يتطلب مسحه بكاميرا الجوال. فمن ناحية يتوقف ظهور القائمة على توافر تغطية إنترنت قد لا أكون محظوظة كفايةً بوجودها في كل الأماكن، ومن ناحية أخرى فإن للمقهى والطعام وقتًا حميمًا أحاول فيه الاستمتاع دون إقحام التقنية.

أقول «كان» لأنني وجدت أن مقهاي حوَّل قائمته الورقية الحبيبة إلى تلك الإلكترونية التي تتطلب مسحًا بكاميرا الجوال. طلبت قهوتي المعتادة دون أن أمسح القائمة وأنا أسأل: هل نحتاج تطبيقًا لكل شيء؟

أتأمل عاداتي الشرائية التي تغيرت نتيجة امتلاء جوالي بتطبيقات المتاجر والمطاعم، وكلها ترسل إليَّ إشعارات بالمنتجات الجديدة والخصومات الرائعة التي تغريني بالطلب فورًا دون أن أتوقف قليلًا للتفكير في حاجتي الفعلية إلى هذه المنتجات. وأصبحت أتخوف من مدى تأثير هذه التطبيقات عليّ، فمن جهة ازداد وزني مع سهولة الحصول على طعامٍ أحبه في أي وقت (بكبسة زر)، كما أصبح جيبي يخلو بشكل أسرع من الأيام الخوالي.

هناك نحو 1.8 مليون تطبيق خاص بالشراء الإلكتروني في متجر أبل، ومعظمها ليس ذا أهمية، فكثير من الشركات تنشئ تطبيقات لها من باب المواكبة فحسب ولا تعتمد عليها بالضرورة. 

هنا سألت صديقاتي عن عاداتهن الشرائية في زمن التطبيقات، واكتشفت أننا جميعًا ما عدنا نفضِّل الشراء من المتاجر الإلكترونية عبر التطبيقات كما كنا نفعل في السابق، بل من حساب المتجر في إنستقرام وفيسبوك، حيث يمكننا بسهولة الطلب والتفاوض مباشرة مع البائع. أما المتاجر الموجودة في مدينتنا فنحن جميعًا نفضل الذهاب شخصيًا إليها؛ لأننا لا نكبر أبدًا على مشاعر سعادة حمل كيس مشتريات «نمرجحه» في بهجة من عثر بالصدفة على غرضٍ جميل.

وبجانب تطبيقات الشراء هناك التطبيقات «الحياتية»؛ فجوَّالي مليء بتطبيقات مختلفة، تتشابه كلها في الفكرة والوظيفة، وتُحيرني لأنني لا أعرف أيها أفضل؛ فأضطر إلى تحميلها جميعًا ثم تجربتها والمقارنة بينها، ومع الوقت يمتلئ جوالي بها وأنا أكاد لا أستخدمها.

الواقع أننا نحن المستهلكين سبب كثرة التطبيقات؛ فالبشرية تعاني منذ عام 2009، أي بعد عام واحد فحسب من إطلاق «أبل ستور»، مما يُعرف باسم «إجهاد التطبيقات» (App Fatigue)؛ فارتباطنا بجوالاتنا شجع المصممين على إطلاق المزيد من التطبيقات ما دمنا نحمّله على أمل أننا قد نحتاجها.

خذ جولة الآن على شاشة جوّالك وتأمل كل التطبيقات عليها، وستكتشف أنَّك غالبًا لا تحتاج ثلثيها. 

لا يمكننا الاستغناء عن التطبيقات؛ فهي من سمات هذا العصر، لكن أصبحنا ملزمين بترشيد استهلاكها وتحميلها بحسب احتياجاتنا وحذف الزائد منها، وبألّا ننسى «كتم» إشعاراتها حفاظًا على سلامنا النفسي و«جيوبنا» وأوزاننا. مع ذلك، يظل الشيء الوحيد الذي لن نستطيع فعله، إقناع مقهانا المفضَّل بالعودة إلى القائمة الورقيَّة.

التجارة الإلكترونيةالتطبيقاتالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومي منثمانيةثمانية

نحن ممتنون لزيارتك لمدونتنا، حيث ستجد أحدث المستجدات في عالم التكنولوجيا والابتكار. نهدف في هذه المدونة إلى تقديم لك محتوى ذو جودة عالية يغطي مجموعة واسعة من المواضيع التقنية المثيرة.jj