«سطّار» فلم تجاري ناجح بقصة ضعيفة
سلك «سطّار» طريق المتعارف عليه بـ«فلم فشار»: فلم دون محتوى درامي جاد أو رسالة ذات معنى (رمزيات) أو عمق فكري، بل مجرد محتوى ترفيهي.
دقيقة، قبل الدخول إلى حلبة المصارعة
فلم «سطَّار» من الأفلام التي قررت كسر نمط القصص في بعض الأفلام السعودية التي تعتمد على رمزيات عميقة، وتحتاج إلى ورقة وقلم لتسجيل كل مشهد حتى تستطيع فهم القصة. أما «سطّار» فسلك طريق المتعارف عليه بـ«فلم فشار» (Popcorn movie): فلم دون محتوى درامي جاد أو رسالة ذات معنى (رمزيات) أو عمق فكري، بل مجرد محتوى ترفيهي.
من هنا انطلقت رحلة الفلم من كتابة إبراهيم الخير الله الغني عن التعريف بتمثيله عدة شخصيات من أشهرها شخصية «عبدالخالق»، إضافة إلى كونه جزءًا من العصر الذهبي لـ«تلفاز 11». وشاركه في الكتابة أيمن وتار الذي كتب كثيرًا من الأفلام المصرية مثل «نادي الرجال السري» و«البعض لا يذهب للمأذون مرتين» وغيرهما. ومن إخراج عبدالله العراك، الذي يحضرني من أعماله مسلسل «أوريم».
الفلم الذي بين أيدينا صدر في تاريخ 29 ديسمبر 2022 في صالات السينما، واستمر وقتًا طويلًا، واستطاع جمع أرباح تصل إلى 39 مليون ريال، وكانت ميزانيته تسعة ملايين ريال سعودي! وأخيرًا توافر خلال شهر أغسطس على منصة نتفلكس.
تدور قصة الفلم حول بطلنا «سطّار» (إبراهيم الحجاج)، البطل الذي لم يكن يفكر بموضوع المصارعة، إلا أنه كان يشاهدها منذ الصغر مع جده (عبدالعزيز المبدل). لكن بعد تراكم ضغوط تأمين تكاليف الزواج، يجد نفسه أمام شخصية «علي هوقن» (عبدالعزيز الشهري) الذي يُدخله عالم رياضة المصارعة. و«سطار» على استعداد لخوض هذه المغامرة؛ بسبب حبه لزوجته (شهد القفاري).
والآن، بعد موافقته على خوض المغامرة، يأخذنا سطَّار معه إلى «الجانب المظلم».
الجانب المظلم: عالم سطَّار السفلي
تتبدى بوابة هذا العالم عبر شخصية «علي هوقن» التي تشبه شخصية فلم (Ali G Indahouse). وكنت أتمنى مزيدًا من الإبداع حتى نرى شخصية خيالية مبنية على أصول عربية أو سعودية، لا من خلال كتابة مستنسخة ذات جودة منخفضة. وبوصفي شخصًا معجبًا جدًا بتمثيل عبدالعزيز الشهري أرى أن هذه هي المرة الأولى التي كانت شخصيته فيها غير ممتعة ولم تحمل المشاهد على أكتافها، بل في كل ظهور للشخصية أردت وضع أصابعي في أذنيّ حتى لا أسمع إزعاج حوارات الشخصية مع بطلنا «سطّار».
وبالطبع فإن بطل الفلم إبراهيم الحجاج، الذي ظهر في عدد من الأعمال الشهيرة مثل «الخلاط+» ومسلسل «منهو ولدنا» وغيرهما، واجه تحديًا أكبر بالظهور في فلم سينمائي. وحقيقةً منذ البداية حتى النهاية كان أداؤه ممتازًا، وأجاد تقديم الشخصية التي لا تعلم أي طريق تسلك، بل تحاول العيش بأي طريقة، سواء في مشكلاته مع مديره أم في محاولاته التعود على المصارعة، أم في تلقيه حكايات والده عن المصارعة وأحداثها، والأجمل هو مناسبة الشخصية المكتوبة للممثل.
صحيح أن بوابة دخولنا هذا العالم برفقة «علي هوقن» كانت سيئة، لكن العالم بحد ذاته بدا جميلًا جدًا من ناحية التصميم، وفي كيفية إبراز أنه العالم السفلي لمن يمارسون المصارعة، وكل مصارع يتميز بدخوله بموسيقا أو شيلات أو أغان عربية ننتمي إليها ونضحك؛ لأنها مستمدة بطريقة فكاهية من العالم الواقعي. وأيضًا وجدت تاريخ هذا المكان جميلًا؛ ففيه نرى الأدوات المستخدمة في المصارعة، وبداية القصة التاريخية لـ«المخمس الأسطوري».
لكن هنالك جانبًا إخراجيًا أزعجني، وهو طريقة الإضاءة التي تشبه إضاءة الإعلانات التي رأيناها تتكرَّر في عدد من أفلامنا السعودية. كنت أتمنى لو أنَّ فلم «سطَّار» تبنَّى توجهًا مميزًا في الإضاءة، بحيث نشعر بأن «فلمنا» مستقل بهويته ولا يتبع منهجية إخراج الأفلام الأجنبية كما هي، وخير مثال على هذا التميُّز كان فلم «راس براس».
أما الجانب الإيجابي في الإخراج وجدته في فقرة تدريب «سطّار» مع «عبدالخالق»، التي بُنيَت على عملية مونتاج تجمع العديد من اللقطات، وتوضح تطور الشخصية في التدريبات. وأفضل مثال يستخدم هنا كمرجع فلم «روكي» (Rocky) في مشهد البطل وهو يتجهَّز لمباراته المقبلة. ومما جعل مشهد التدريب في «سطَّار» جميلًا مزج الكوميديا في تدريبات «عبدالخالق» مع أغنية «لازم فوز»، فجاء المشهد مميزًا في استخدام المرجع الغنائي الأصلي وتغيير هويّته إلى ما يناسب هوية الفلم والمحتوى المحلي.
بعد التدريبات، من المؤكد أن بطلنا «سطَّار» يتجهز إلى الصعود إلى القمة لتحدي من يتربع عليها، وهنا تصل رحلتنا إلى نهايتها بمواجهة الشخصية الشريرة بتمثيل «أبو ربيعة» أحد المشاهير والمؤثرين في المجال الرياضي وبطولات كمال الأجسام.
هنا شعرت بمشكلات عديدة في بناء هذه «الشخصية الشريرة»، فعدد المرات التي ظهرت فيها على الشاشة قليل جدًا، بحيث لا تسهم في بناء الشخصية، والنص المكتوب لهذه الشخصية ضعيف بناءً على ما شاهدناه، فمثلًا: لماذا يرتدي هذا الزي؟ ولماذا نود رؤيته ينهزم؟ وكيف وصلت رحلته إلى هنا؟ غياب الأجوبة على هذه الأسئلة البسيطة تجعلنا لا نتذكر الشخصية ونربطها بأي قيمة. والسبب الوحيد الذي ستود من أجله رؤيته ينهزم هو أن «البطل» سيقاتله، وهذا سبب ضعيف جدًا.
1…2…3 وصلنا النهاية!
وصولاً إلى النهاية، الرحلة كانت جيدة وتحتوي مواقف جميلة تجعلنا نتذكرها، والأهم هو النهاية التي تضمنت مفاجأة جميلة ومُضحكة جدًا. ومن أجل ذلك وجدت نفسي في نهاية الفلم مبتسمًا تلقائيًا؛ لأن هدف الفلم من الأساس «تغيير جو».
لهذا، ففلم «سطَّار» هو خيارك المناسب في «الجَمعات» مع الأصدقاء؛ فلم بسيط ومضحك يستحق أن يتجمع الناس لمشاهدته وقضاء وقت ممتع.
أمَّا بالمُختصر «النقدي» المفيد:
فلم «سطَّار» بسيط، ونجح في كسر روتين الأفلام السعودية وابتعد عن الرمزيات، بأداء بطولي ممتاز من إبراهيم الحجاج، مع «جزء مفقود» و«خال من النكهة» من أداء عبدالعزيز الشهري، ولحظات مضحكة وهوية إخراجية مكررة من ناحية الإضاءة. Click To Tweet
لكنه يظل جيدًا وممتعًا للمشاهِد.
التقييم بلغة الأرقام: 6 من 10 🍿😂
نحن ممتنون لزيارتك لمدونتنا، حيث ستجد أحدث المستجدات في عالم التكنولوجيا والابتكار. نهدف في هذه المدونة إلى تقديم لك محتوى ذو جودة عالية يغطي مجموعة واسعة من المواضيع التقنية المثيرة.jjcinema