هل فشل مسلسل «ون بيس» الواقعي؟
عوائق العالم الواقعي ستجعل عالمنا أقل تفاعلًا مما شاهدنا في الأنمي والمانقا، وذلك لمحدودية العالم الواقعي مقارنة بعالم الأنمي.
رسالة شخصية إلى عشاق «ون بيس»:
لا تغلق الصفحة قبل قراءة المراجعة، فأنا معكم لأني بدأت بمتابعة «ون بيس الأنمي» عام 2006 ومستمر حتى الآن، ثم انتقلت إلى «المانقا» عام 2018. فلذلك من كتب هذه المراجعة شغوفٌ ومتابعٌ لهذا العالم.
رحلة السفر عبر البحار للعثور على كنز «ون بيس»
في 19 يوليو عام 1997 كتب إييتشيرو أودا بداية رحلة «لوفي» لإيجاد كنز «ون بيس» بناءً على وصايا ملك القراصنة «قولد روجر»، وظلت الرحلة مستمرة 25 سنة سواء أكان ذلك عبر «الأنمي» أم «مانقا». والآن نراها فيما يُسمى «Live Action» أو «مسلسلًا واقعيًا» من إنتاج نتفلكس، ومن المتعارف عليه أن هذه الخطوة كابوسٌ لمحبي «الأنمي» بسبب فشل كثير من المشاريع المماثلة.
عالم القراصنة في الحقيقة وتحدياته
القصة تبدأ بشكل مبسّط، حيث إن بطلنا «لوفي» مُعجب جدًا بشخصية «شانكس» ويريد أن ينضم إليه، على رغم صغر سنه. وظل «شانكس» يرفض حتى يحدث موقف معين لن أسرده حتى لا أحرق الأحداث، وبسببه وضع «شانكس» في عهدة «لوفي» قبعته القشية، على أن يُرجع الأخير العهدة عندما يصبح قرصانًا عظيمًا.
منذ تلك اللحظة أصبح بطلنا مهووسًا بهدفه ليصبح ملك القراصنة ويعثر على كنز «ون بيس». ولمن لا يعرف بطلنا فهو ليس الوحيد الذي يركض وراء هذا الكنز، بل تلك غاية جميع القراصنة، والسبب وصية ملك القراصنة في لحظة إعدامه بأن «كل شيء» متروك هنالك للناس للبحث عنه.
هكذا جرى تأسيس العالم، بقراصنة يغامرون في كل مكان للعثور على الكنز، وبالطبع تحتوي الرحلة على عوائق كثيرة للجميع. ولكن عوائق العالم الواقعي ستجعل عالمنا أقل تفاعلًا مما شاهدنا في «الأنمي» و«المانقا»، وذلك لمحدوديَّة العالم الواقعي مقارنةً بعالم الأنمي حيث الخيال لا حدود له، إضافةً إلى أنَّ الموسم يحتوي على ثماني حلقات فقط مدة كل واحدة منها نحو 60 دقيقة أو أقل. لهذا من كانت لديه معرفة سابقة عن العالم فسيجد تغييرات عدة، ومنها:
قُبض على ملك القراصنة من قِبل شخصية «قارب» (نائب الأدميرال).
استعراض «زورو» ومقابلة شخصية جديدة تمامًا لم يحن وقتها (غير موجودة في «الأنمي» و«المانقا»).
تجاهل قصة فصل كامل متعارف عليه باسم «لوق تاون».
حذف مشاهد شخصية «دراقون» (تحدث عنها الممثل وهو حزين جدًا).
تجاهل شخصية شريرة كاملة بقتالها مع «لوفي»، وجعلها جانبية (على السريع)، وهي «دون كريق».
التركيز الكامل في شخصية «قارب»، وكشف ماضيه المُبكر في العمل.
ربط بعض شخصيات الشر بعضها ببعض، خذ مثلًا مقابلة «بَقي» و«أرلونق».
هذه بعض التغييرات، وربما سقط بعضها سهوًا مني، لكن رأيي الشخصي أن التغييرات جريئة في عمل مُقتبَس أساسه «المانقا»، لكن التغييرات تظل سلاحًا ذا حدين.
الحد الإيجابي: حتى لو كنت متابعًا للعمل فستكون جاهزًا للمفاجآت، وكأنك تشاهد عملًا شبه جديد، إضافة إلى أن التغييرات تخدم توجه العمل من ناحية الواقعية ومدة القصة ومحاولة اختصار بعض الأحداث. وبما أن الكتّاب في حوزتهم مواد قصصية تقارب 1091 فصلًا فلديهم القدرة على تعديل البداية وتغيير هيكلة القصة؛ فلذلك كان جزء من التغيير مُرحَّبًا به.
ومن المتعارف عليه أيضًا أن «الأنمي» يقتبس تقريبًا ربعًا أو 30% من كل فصل في «المانقا»، لذلك يعاني «الأنمي» من مشكلة «التمطيط»، وخير مثال أن بطلنا «لوفي» إذا أراد توجيه «لكمة» فسنرى في الأصل لقطات كثيرة لتعبئة الفراغ لكي يصل إلى الحد المسموح به (23 دقيقة تقريبًا)؛ ولذلك رأينا مشروعًا بدأ به عشاق «الأنمي» بشكل غير رسمي باسم «One Pace»، ولفهم ما أقصده بهذه العبارة الملتبسة شاهد هذا المثال.
الحد السلبي: الحلقة الواحدة عبارة عن وجبة دسمة مشبعة لمدة أيام حتى يُغلَق الفصل بنجاح وبضم أكبر عدد من الشخصيات والأحداث. لذلك وجدنا عكس ما في «المانقا» التي أخذت وقتها من الأحداث الدرامية التي لم نجدها في العمل الواقعي (مثل ماضي حارس محل أطعمة الكلاب).
وأيضًا من السلبيات التضحية بوقت كثير من القتالات المميزة في هذا العالم، حيث تُختَزل المنازلة لك في هجمة أو هجمتين وحوار وانتهى القتال! فتشعر بأن «لوفي» مجرد «ولد محظوظ» ولا ينتصر بسبب طموحه ومدى شغفه بحلمه والوصول إليه، بل بحسن طالعه.
تذكرة سفر الشخصيات الخيالية إلى العالم الواقعي
منذ لحظة الإعلان عن التشويقة عبر «يوتيوب» بدأ الكل بإجراء مقارنات لأهم الشخصيات الأساسية، وكنت أرفض هذه المقارنة حتى أرى بنفسي العمل كاملًا ورؤية النص والإخراج في أداء الشخصيات. والآن نستطيع التحدث بكل حرية عن كل شخصية من جميع النواحي، وسأحاول أغطي بعضها، والبعض سأتناوله باختصار.
لوفي
ذكر ممثل شخصية «لوفي» في أحد تصريحاته أنه لم يشاهد العمل الأساسي، لكن الكاتب إييتشيرو أودا قال عندما اختاره «إن لديه روحًا تشبه روح لوفي المرحة». لكن ما رأيته كان عكس ما تعودنا عليه من بطلنا؛ فالنهج الخاص للشخصية الأصلية أنَّ من طبيعته ألا يفكر ولا يخطط ويتعايش مع اللحظة، ويضحك في قتالات كثيرة، لكن عندما يصبح غاضبًا يغدو مرعبًا. للأسف التمثيل الواقعي فشل في إيصال «لوفي» الذي نعرفه إلينا، وربما كانت الإيجابية الوحيدة التي أتقنها هي الهيئة الخارجية.
الجانب المزعج إخراجيًا هو مشاهد القتال في الليل التي جيء بها لإخفاء عيوب المؤثرات، وشخصية «لوفي» الماضية وهي صغيرة أيضًا أتت غير متقنة ومزعجة. وبما أننا الآن نخوض جزئية الماضي فيجب علينا التحدث عن «شانكس» وطاقمه. فالكل مُدرك مدى أهمية هذه الشخصية؛ فلذلك كان ممثلها والنص المخصص لها ممتازين جدًا، ولكن ما يعيبه كان طاقمه، حيث إن جزءًا كبير منهم حضر بشكل خاطئ وضعيف جدًا، وإليك هذا المثال.
زورو
ممثل شخصية «زورو» لديه تحد بأن يكون سيّافًا بثلاثة سيوف، ويكون صارمًا في مواقف كثيرة، وهذه إحدى إيجابيات هذا الاقتباس. لكن السلبية الوحيدة هي أننا لم نره يبتسم طوال العمل ولا مرة واحدة، لكنا إذا استذكرنا الشخصية الأصلية فسنجد أنها كانت تضحك في بعض المواقف. ولا أنسى مشاهد القتال بالسيوف التي كانت ممتازة وربما هي أفضل ما في هذا العمل، وسبب ذلك تصميم المشهد القتالي واختيار الأماكن الممتازة.
وعلى ذكر القتال، يأتي تقديم «ميهوك» الشخصية الغامضة التي تغمرها القوة لكونه أفضل سيّاف في العالم على نحوٍ مميَّز، وأيضًا كانت لحظة لقائه وقتاله مع «زورو» رائعة جدًا.
نامي
منذ لحظة الإعلان اتفق الجميع على أن التشابه بين «نامي» المقتبسة والشخصية الأصلية كبير جدًا، والنص المكتوب لها كان متقنًا، وهنا نستطيع القول إنه لا غبار على أدائها كشخصية ماكرة لصوصية ولديها جانب إنساني. وأيضًا فإن السلاح المُستخدم ومشاهد قتالها القليلة كانت جيدة جدًا.
ماضي هذه الشخصية مهم جدًا مع «بلمير» و«نوجيكو»، وهنا كانت إحدى النقاط السلبية في الكتابة، حيث ترى ماضيًا مختصرًا جدًا، حتى إنك لا تستطيع ربط مشاعرك بهاتين الشخصيتين وتفاعلهما مع «أرلونق وطاقمه».
كنت أود أن أتوقف هنا، لكن مدى بشاعة تقديم «أرلونق» (من ناحية الكتابة تحديدًا) كان الأسوأ. «أرلونق» ليس من الجنس البشري، بل هو من البرمائيين ويكره البشر، لكن التمثيل كان مقززًا جدًا ولم يستطع إظهار جانب الشر في الشخصية، لا عبر حواراته ولا بمدى قوته في قتالاته. كان فحسب يتمشى ويرمي كلمات مكتوبة في النص.
أوسوب
الكل يعلم بأن شخصية «أوسوب» لديها «خشم» طويل، وتجاهلت هذه النسخة ذلك، ولا نمانع؛ لأن الممثل الأساسي يُشبه الشخصية بنسبة 100%، فطريقة التحدث هي نفسها، وكذا أكاذيبها، وهلم جرًّا. الأهم محاولة نسخ سلاح الشخصية «النبيطة»، وقتالاته مع إحدى الشخصيات البرمائية. وكذا الفصل الذي تفاعلت فيه هذه الشخصية مع شخصيات مهمة في القصة، مثل «كايا»، التي ما زلت أتذكر انطباعي عندما شاهدت «الأنمي» لأول مرة بأنها فتاة لطيفة جدًا. وقد صُدمت بما في نسخة الواقع، إذ جاءت مطابقة جدًا للأصل بلطافتها، ورأيت كيف كان جسدها «ضعيفًا» بسبب المرض.
ثم كُشف لنا «قراصنة القط الأسود». وصحيح أن هنالك عناصر اختلاف بين «المانقا» وبين الاقتباس، وبالتحديد غياب شخصية تستخدم التنويم المغناطسي والاكتفاء باثنين فقط من أتباع «الكابتن كورو»، إلا أنَّ شخصية الكابتن كانت مقتبسة بشكل ممتاز كتابيًا وكذا في شكله الظاهري.
سانجي
ممثل شخصية الطباخ الشغوف مَنْ نقطة ضعفه جمال النساء كان يشابه الشخصية الأصلية شكلًا وأداءً، ومشاهده القتالية كانت ممتازة. وهنا أرفع القبعة لمن وضع أدق التفاصيل في الطبخات والمأكولات في هذا الفصل، حيث كانت «لذيذة» وجميلة جدًا. كذلك رأينا تفاعل «سانجي» مع شخصية «زيف» ذي الماضي الأشد إيلامًا والمتقن بدرجة عالية جدًا، وقد جعلني التصميم والتمثيل أعيش وأنسى المقارنات، وأستعيد تجربة البدايات في هذا العالم.
بَقي وطاقمه
هنا سأقول إن «بَقي» كان له الأداء الأفضل طوال العمل، صحيح أنه اقتُبس كأنه شخصية «الجوكر» في قصص «باتمان»، لكن الأداء والقتالات واستعراض قدراته كان جميلًا جدًا. طاقمه لا يظهر بتلك الصورة الواضحة، لكن جرى اقتباس شخصية السيّاف «كاباقي» بشكل جيد.
قارب
على ما يبدو أن مؤدي هذه الشخصية من الممثلين الذين يبحثون ويقرؤون جيدًا عن الشخصية وكيفية أدائها، وحوّلها إلى العالم الواقعي بشكل ممتاز. وأيضًا في أحد قتالاته كان يُشابه الشخصية الأصلية بشكل ممتاز!
كوبي وهيليميبو
استطاع ممثل شخصية «كوبي» إتقان دوره بأن يخاف ويفكر كثيرًا، والجانب المُضاف إليه أن لديه حسًّا إدراكيًا عاليًا، وهذا يعد تغييرًا بسيطًا في مقدمة العمل الأساسي.
«هيليميبو» ووالده «مورقان» كلاهما أتقنا الدور بشكل ممتاز، حيث يقتبس «هيلميبو» شخصية «الولد المدلل» ويختبئ وراء ظهر والده. أما والده «مورقان» فلم يكن بالضخامة التي كان بها في «الأنمي»، لكنْ نحن الآن في الواقع؛ فلذلك كان حجمه منطقيًا.
رحلتنا لم تنته، لكن هذه المراجعة شارفت على النهاية
نحن على علم بأن قصة «ون بيس» لم تنته، ربما نصل وجهتنا بعد سنتين أو ثلاث إلى نهاية «المانقا»، لكن تساؤلاتنا ليست عن نهاية القصة أساسًا، بل عن مستقبل المسلسل الواقعي. وتشير بعض مصادر الأخبار إلى أن نص الموسم الثاني جاهز وبوسعهم البدء بالتصوير، لكنهم متوقفون بسبب إضراب الكتّاب.
مشاعري مختلطة تجاه هذا «الاقتباس»، لكني في المجمل سعيد برؤية مدى ضخامة الإخراج ومستواه الفاخر في تصميم الأماكن الخارجية والداخلية، لكن ذلك لم يستطع إخفاء مشكلات النص المكتوب، ومعاناة بعض الممثلين أو الممثلات من عدم فهم أساس الشخصية ومنهجها المُتَّبع في «المانقا». لو أنك تذكر كيف كانت أول 50 حلقة فستشعر بأن هنالك عنصرًا مهمًا قد غاب، وهو الكوميديا ومزيجها مع الهزلية التي تعدّ أساس شخصية «لوفي».
لذلك:
إذا كنت متابعًا للعمل الأساسي فستكون التجربة ممتعة لأن هنالك تغييرات في القصة الأساسية، ربما تعجبك أو لا. وإذا كنت غير متابع فربما تكون هذه بوابتك إلى عالم «ون بيس». Click To Tweet
خير ختام لهذه المراجعة هو اقتباس شهير من «أنمي ون بيس»:
أحلام الناس لا تنتهي.
التقييم بلغة الأرقام 6 من أصل 10 🍿🙂
نحن ممتنون لزيارتك لمدونتنا، حيث ستجد أحدث المستجدات في عالم التكنولوجيا والابتكار. نهدف في هذه المدونة إلى تقديم لك محتوى ذو جودة عالية يغطي مجموعة واسعة من المواضيع التقنية المثيرة.jjcinema