لا تندم على هَوَس شراء الكتب

تختلف الأسباب لكل شخص مصاب بهوس الكتب، ولكن الأغلب يلجأُ إلى جَمْع الكتب وشرائها في محاولة يائسة لتعويض ما فسد من علاقاته الاجتماعية.

في نشرة أها! من ثمانية

يطير قلبي من البهجة في كل مرة أرى فيها إعلانًا لمعرض كتابٍ دولي، وكأن حياةً جديدة دبَّت فيه. ولم يكن معرض الكتاب الدولي في الرياض عام 2021 استثناءً من هذا الشعور. حزمتُ أغراضي وذهبت إلى الرياض من أول أيام المعرض حتى يتسنَّى لي شراء الكتب من القائمة التي أعددتها مسبقًا قبل نفاد كمياتها، عارفًا حقَّ المعرفة أنني لن ألتزم بالقائمة فقط. 

كنت قد حددت لنفسي ميزانية 700 ريال فقط لصرفها على هذا المعرض؛ لأنني أنوي زيارة معرض البحرين الدولي للكتاب بعد هذا المعرض وشراء مزيد من الكتب هناك. وعزائي لمحفظتي المسكينة بعد أن أنفقت ما يزيد على 1,700 ريال في المعرض ذاته.

ينتابني هذا الشعور في كل مرة أزور فيها مكتبة. بل أظن أني أشتري الكتب في ثماني مرات من كل عشر زيارات للمكتبات. والغريب في الموضوع أنني لم أشعر بذرَّة ندم قط من إسرافي على شراء الكتب على رغم أني قرأت ما يقارب 170 كتابًا فقط من أصل 300 كتاب أو تزيد؛ لذا أردتُ فَهْم ماهيّة هذا الشعور وعلَّة غياب الندم.

وعلى غير استغراب عرفتُ أنني، بالطبع، لستُ وحيدًا في هذا الشعور. بل إن لهذه الحالة اسمًا علميًا هو «بيبليومينيا» (Bibliomania) أو «بيبليوفيليا» (Bibliophilia). الأولى تعني الإفراط في هَوَس جمع الكتب أو شرائها إلى حدِّ التأثير في العلاقات الاجتماعية أو الصحة البدنية أو النفسية. قد تصل أحيانًا إلى شراء نسخ متعددة من الكتاب نفسه، بل حتى السرقة كما حصل في حادثة «قاطع طريق الكتب» ستيفين بلمبيرق الذي سرق نحو 23 ألف كتاب نادر من 268 مكتبة عامة من 45 ولاية، وتعادل قيمتها المالية عشرين مليون دولار. 

وتصنَّف «البيبليومينيا» كأحد أمراض الوسواس القهري، أما «البيبليوفيليا» فهي العلاقة الصحية في حُب الكتب وجمعها وشرائها دون أعراضها السلبية. تختلف الأسباب لكل شخص مصاب بهوس الكُتُب، ولكن الأغلبَ يلجأُ إلى جَمْع الكتب وشرائها في محاولة يائسة لتعويض ما فسد من علاقاته الاجتماعية.

وكلما تعمّقتُ أكثر في شعوري هذا عرفتُ بأنني لا أشتري الكتب لأجل الشراء فقط، بل إني أبني علاقة مع كل كتاب أشتريه وأقرَؤُه. وهذا ما يفسر سخطي الشديد عندما أقرأ كتابًا سيئًا؛ إذ أشعر بشعور مَنْ غدر به صديقه. ومع ذلك، وجدتُ الكثير من العزاء والسَلْوى في كتبي التي قرأتها خصوصًا في أوقات شعور الوحدة. 

وبعد أن اطمأننت إلى أن علاقاتي الاجتماعية سليمة وعرفت شعور أن يكون الكتاب صديقك، ها أنا ذا أكتب هذه الأسطر وقد أعددت قائمةً من الكتب التي سأشتريها من مكتبات لندن بعد أن عدتُ إليها قبل أيام، وأتصوَّر أنَّ لديك قائمتك ومتحمِّس لشراء ما فيها وزيادة عليها إن كنت الآن في الرياض. 

القراءةالكتبالمجتمعالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومي منثمانيةثمانية

نحن ممتنون لزيارتك لمدونتنا، حيث ستجد أحدث المستجدات في عالم التكنولوجيا والابتكار. نهدف في هذه المدونة إلى تقديم لك محتوى ذو جودة عالية يغطي مجموعة واسعة من المواضيع التقنية المثيرة.jj