لن تشتري سامسونج لأنَّ أبل اصطادتك بالقصة

رغم حبي لسامسونج الممتد من أيام مراهقتي فإن أبل استطاعت انتزاعي منه بنعومة على مهل؛ لأن قصص أبل تُشبع جانبي المُحب للحكايات.

كنت عازمة في يناير الماضي على شراء جوال «سامسونج زد» المطويّ، بتصميمه الأنيق ولونه البنفسجي الرقيق، لكني عدت إلى البيت بنسخة أيفون 14 زرقاء بلون سروال جينز كلاسيكي. فرغم حبي لسامسونج الممتد من أيام مراهقتي فإن أبل استطاعت انتزاعي منه بنعومة على مهل؛ لأن قصص أبل تُشبع جانبي المُحب للحكايات.

فأبل معك في أي مكان في العالم، تنتبه عليك وتنقذك بخدماتها وأجهزتها الذكية، وتغزو بحكاياتها الدافئة البشرية. بدأت أبل حدث إطلاق «أيفون 15» بمقطع جمعت فيه حكايات لبشرٍ من مختلف الأعراق، ولكلٍّ كانت قصته التي تكشف فيها أبل أنَّ القدر جعل لها يدًا فيها.

لا يقتصر أسلوب أبل القصصي على مقدِّمة مؤتمراتها، بل تواظب عليه من موقعها الرسمي على مدار العام، حيث تمرِّر لك حكاياتَ تدخُّلها اللطيف في حياتك عبر «غرفة الأخبار» (Newsroom). فغرفة الأخبار تحمل عنوان «Stories» بجانب رمز التفاحة المقضومة بدلًا من «News»؛ لأنها تريد منك أن تتصوَّر أنَّ قصة تطوير المنتج أو تنفيذ الفكرة الجديدة إنما هي من أجلك وليس مجرَّد خبر تسويقي عن آخر التحديثات. 

في ترويجها تقنية الاتصال المًعزز البديل التي تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة على استخدامٍ أسهل للأجهزة الذكية، تبدأ أبل حديثها عن تلك التقنية بقصة «جاي» البالغ من العمر تسع سنوات، وكيف ستساعده تلك التقنية التي تطورها أبل على التعلم والاندماج هو وغيره من المصابين بالتوحد والشلل الدماغي والتصلب الجانبي الضموري. 

اللافت أن سامسونج أيضًا كانت تروِّج لتقنيات الاتصال المُعزز والبديل في التوقيت نفسه. وبالرغم من عدم حرصي على متابعة أخبار سامسونج، عرفت هذه المعلومة من رسائل البريد الترويجية التي ترسلها إليّ بحكم أنني أحد مستخدميها وبريدي الإلكتروني مسجَّل لديها.

صحيح ثمة جهد مبذول في تلك الرسائل، إلا أنها لم تخرج لي كمستهلكة عن كونها رسائل ترويج مصمتة وباردة، وما كنت سأستغرب إن انتهى بها الحال إلى «سبام». 

في الواقع عندما قررت الاستزادة من جهود سامسونج في تطوير تقنيات الواقع المعزز من باب الفضول وجدت «Newsroom» أنيقة وتقليدية تخاطب المتصفح بلهجة صحافية متعالية، واستغربت عدم وجود مقالة واحدة عن جهود سامسونج في تطوير تلك التقنية. ما يعني أن الاعتماد في الترويج إما على رسائل البريد الإلكتروني وإما من خلال أوصاف الهواتف في موقع سامسونج.

تصف ماري هتَّار «القصة» على أنها الحمض النووي للتسويق، وتبين أن الكثير من الشركات تفشل عندما لا تجعل سرد القصص واحدة من أولوياتها التسويقية. وبالفعل تؤكد عدد من الإحصائيات وجهة نظرها.

%92 من المستهلكين يريدون من العلامات التجارية الترويج لمنتجاتها من خلال القصص الملهمة، حيث إن 55% منهم يتذكرون الإعلان القائم على القصة، لا ذلك الذي يُعدد امتيازات المنتج. و68% منهم يؤكدون أنهم يشترون المنتجات بدافع تأثرهم بقصتها الترويجية، والأهم أنَّ ولاء العملاء للشركات يزيد بنسبة 20% إذا اعتمدت الشركات القصة في التسويق.

ففي الوقت الذي كان مجرد تغيُّر تصميم هواتف نوكيا ينتزع انبهارنا سبقت سامسونج عصرها بجوالات ذات تقنيات رائعة. فأنا لا أنسى جوالات «True i» و«V200» الأنيقة جدًا، التي كان مُلحقًا بها بطارية زائدة بشاحن منفصل قبل اختراع «الباوربنك» بأكثر من عشر سنوات.

لكنَّ تعالي سامسونج على استخدام الحكايات في التسويق جعل وجودها محدودًا أمام نوكيا، وترويج نوكيا كان من خلالنا. فحياتنا قصة، ونوكيا بحضورها تسهم في توثيقها وصنعها، ثم تؤدي دور ساعي البريد الأمين وتوصل قصصنا إلى من نحب. وكان شعارها «Connecting People» مع رنّته المميزة بالفعل يمثِّلها؛ لأنها ربطت بعضنا ببعض.

يقول أفلاطون: «أولئك الذين يروون القصص يحكمون المجتمع». وربما فطنت أبل لتلك الحكمة وفهمت كيف تسلب اهتمام ملايين المستهلكين مثلي، تمامًا كما فطنت نوكيا لتلك الحقيقة من قبل، إلا سامسونج المصرّة إلى اليوم على عنادها، وخسرتني.

أبلالتسويقالتقنيةالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومي منثمانيةثمانية

نحن ممتنون لزيارتك لمدونتنا، حيث ستجد أحدث المستجدات في عالم التكنولوجيا والابتكار. نهدف في هذه المدونة إلى تقديم لك محتوى ذو جودة عالية يغطي مجموعة واسعة من المواضيع التقنية المثيرة.jj